في إطار سعيها المتواصل لتحسين جودة الحياة وتعزيز الصحة النفسية في المجتمع، أطلقت مؤسسة الرعاية الصحية الأولية مشروع “الفن من أجل صحة نفسية أفضل”، وهو مشروع مبتكر يجمع بين العلاج بالفن والتعبير الإبداعي كوسيلة فعّالة لدعم الصحة النفسية. يأتي هذا المشروع تتويجًا لنجاح المرحلة التجريبية التي انطلقت العام الماضي من مركز جامعة قطر الصحي، حيث أثبتت التجربة الأولى أن الفن يمكن أن يكون جسرًا للتعبير والتنفيس والشفاء العاطفي.
"نجاح تجربة البداية"
وبدأت المبادرة في أكتوبر 2024 بمناسبة اليوم العالمي للصحة النفسية، بمشاركة إحدى جامعات قطر المتخصصة في الفنون للاستفادة من خبرة طلابها وخريجيها في تنظيم ورش رسم جماعية، أتاحت للمشاركين التعبير عن مشاعرهم وانفعالاتهم بطريقة فنية تساعد في تخفيف التوتر وتحسين المزاج.
وفي أبريل 2025، انطلقت المرحلة الأولى رسميًا بالشراكة مع مركز جامعة قطر الصحي، عبر سلسلة من ثلاث ورش فنية علاجية، شارك فيها المراجعون وموظفو المركز، تحت إشراف إدارة المركز وعيادة الصحة النفسية وبمتابعة من إدارة الاتصال المؤسسي. وقد أتاحت هذه الورش للمشاركين بيئة داعمة وآمنة للتعبير عن الذات من خلال الألوان واللوحات، ما عزز شعورهم بالراحة النفسية والانتماء والتفريغ الإيجابي للطاقة.
"تفاعل المجتمع والكوادر الصحية"
وتزامنًا مع اليوم العالمي للصحة النفسية في أكتوبر 2025، وفي نفس السياق، نظّمت المؤسسة ورشة رسم خاصة بموظفي إدارة الاتصال المؤسسي، هدفت إلى التنفيس عن ضغوط العمل عبر الفن، ما عكس توجه المؤسسة في جعل الصحة النفسية أولوية تمتد إلى جميع كوادرها ومراجعيها.
ولنشر الفكرة على أوسع نطاق بين أعضاء المجتمع، تم إنتاج سلسلة من الفيديوهات التوعوية بالتعاون مع عيادة الصحة النفسية بمركز جامعة قطر الصحي، لتسليط الضوء على دور الفن، من خلال استخدام الرسم كأداة بشكل تعبيري او خطوط واشكال عشوائية عفوية، لتعزيز الوعي بالصحة النفسية ونشر مفهوم “الفن من أجل صحة نفسية أفضل،" ولتعزيز تقنيات العلاج النفسي لدى المراجعين في قسم الدعم النفسي، وقد نُشرت هذه المواد على منصات المؤسسة الرقمية، ضمن جهودها لنشر ثقافة العناية بالصحة النفسية بطرق مبتكرة وغير تقليدية.
"مشروع مستمر"
وبناءً على النجاح الكبير وردود الفعل الإيجابية من المشاركين، الذين عبّروا عن شعورهم بـ”الراحة”، و”تحرير الذهن”، و”الوضوح أو الشفافية”، قررت مؤسسة الرعاية الصحية الأولية تحويل المبادرة إلى مشروع مؤسسي مستدام، يجري تعميمه على مراحل تشمل ستة مراكز صحية إضافية خلال المرحلة الثانية.
ويهدف المشروع في المستقبل إلى دمج الفن كأداة علاجية مساندة ضمن برامج العيادات النفسية في مزيد من المراكز الصحية، مما يعزز التواصل الإنساني بين المراجعين والمختصين، ويخلق بيئة علاجية تراعي المشاعر وتحتضن الطاقات الإبداعية للأفراد.
"رؤية مستقبلية لصحة شاملة"
تعكس هذه المبادرة رؤية مؤسسة الرعاية الصحية الأولية في الجمع بين العلم والفن، وبين العلاج والتعبير، بما يتماشى مع خطتها الاستراتيجية الرامية إلى تحسين نوعية الحياة وتعزيز الصحة النفسية كجزء لا يتجزأ من الصحة العامة.
ومع انطلاق المرحلة الثانية من المشروع، تؤكد المؤسسة التزامها بتوسيع نطاق التجربة لتشمل جميع المراكز الصحية، بمشاركة المراجعين والكوادر الطبية، لترسيخ مفهوم “الفن من أجل صحة نفسية أفضل” كأحد محاور الرعاية الشاملة التي تُعنى بالإنسان جسدًا ونفسًا وروحًا.